ads

ads

احدث المواضيع

العنايه بالبشره[Oneright]

طبيب المجله[Oneleft]

معلومات صحية

مطبخ المجلة


فضيلة الشيخ سيدي محمد بن أبي القاسم الهاملي أحد علماء القراءات السبع في الجزائر ، وعلى يديه تخرج علماء أعلام ، ومشايخ عظام ، كُنّا قد تطرقنا إلى تراجمهم في مقالات سابقة أذكر منهم تلميذه الشيخ محمد المكي بن عزوز ، والشيخ عبدالرحمن الديسي ، والشيخ أبو القاسم الحفناوي ... وغيرهم ، أسس الشيخ سيدي محمد بن أبي القاسم الهاملي الزاوية القاسمية ، في 18 جويلية سنة  1863م في بلدية الهامل حاليا ، دائرة بوسعادة ولاية المسيلة ، وكانت في زمنها ذاك تضاهي جامع الزيتونة في تونس ، ومسجد القرويين في المغرب ، والأزهر في مصر ، وكان مستوى التعليم فيها من الأهمية بمكان ...لأن طاقم التدريس فيها كان يتألف من 19 أستاذا من أشهر علماء ومشايخ ذلك العصر ، فذاعت شهرة الزاوية ، وامتد صيت الشيخ في الآفاق ، فقصده طلبة العلم من كل أنحاء القطر من المدية ، وتيارت ، وشرشال ، وسطيف ، والمسيلة ، الجلفة ، والأغواط ... وغيرها من مدن الوطن ، وفي عام 1845أراد الشيخ محمد بن أبي القاسم القتال في صفوف جيش الأمير عبدالقادر الجزائري ، إلا أن جَنَابَ الأمير ـ طيب الله ثراه ـ كانت له نظرة فقهية تراعي الأولويات والضرورات والمقاصد .. فقال للشيخ القاسمي إن تَعليم أبناء المسلمين في هذا الظرف الإحتلالي العصيب هو أيضا ضرب من ضروب الجهاد ، وإيجاد المقاتلين ممكن وميسور وموفور وفي أي وقت وظرف ، بينما إيجاد الأساتذة والعلماء والمشايخ ليس ممكنا ، وليس ميسورًا ولا موفورًا ، فرجع الشيخ محمد القاسمي إلى تلامذته ليلقنهم مما فتح الله به عليه من علوم ومعارف يحار عقل اللبيب في إداركها ... وفي عام 1871 كانت زاوية الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي الملاذ الآمن والحضن الدافئ للمجاهدين من كتائب الشيخ المقراني ، وكان الشيخ محمد بن أبي القاسم ظهيرًا أمينًا وسندًا معينا للمقاومين يمدهم بالمال والسلاح بسخاء منقطع النظير ، ويشحذ هممهم ، ويرفع معنوياتهم لقتال الكفرة الفجرة الذين استباحوا أرض الجزائر ، وعندما انهزم جيش الشيخ المقراني ، تكفل الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي بحوالي ثمانين عائلة من أرامل الشهداء والمفقودين والذين تضرروا من بطش وتنكيل جنود الاحتلال الفرنسي ، وأقاموا بالزاوية القاسمية كأنما هم مقيمون في بيوتهم معززين مكرمين ينفق عليهم مما ينفق على أولاده وأسرته سخاءًا رخاءًا ... وفي عام 1868 وقعت في الجزائر مجاعة كبيرة ، هلك جرّائها خلق كثير ، فكفل عشرات العائلات التي لم تجد لها قوتًا ، وأطعمهم في عام ذي مسبغة ...وعلى الرغم من أزحام أوقات الشيخ بالذكر ، والحزب القرآني الراتب ، وقيام الليل ، ونفقة الطلبة وإعاشتهم ، والتدريس في علوم ومعارف شتى طوال اليوم والليلة ، واستقبال الزوار والمحبين ، وإصلاح ذات البين ، والإجابة عن المستفتين بالفتاوى الشرعية التي توافق مذهب الإمام مالك ، وإدارة أوقاف الزاوية ... وغيرها من جلائل الأعمال ، وعظائم الخصال ، إلا أن ذلك لم يمنع الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي من تأليف خمس رسائل ... رسالة في الهجرة ، ورسالة في تحريم الدخان ، ورسالة في تفسير سورة القدر ، ورسالة إلى بني ميزاب ، ورسالة في أن الطريقة الرحمانية والطريقة الشاذلية طريقة واحدة ، ورسالة في مقامات الأنفس السبعة ، كما نظم الشيخ قصيدة في أسماء الله الحسنى ، وقبل أن يؤسس الشيخ زاويته العامرة العاملة ، اشتغل بالتدريس في زاويتين اثنتين هما زاوية السعيد بن أبي داود بزواوة ، التي تولى فيها تعليم الفقه والنحو وعلم الكلام والفرائض والمنطق ،  وزاوية ابن أبي التقى قرب برج بوعريريج التي تولى فيها تدريس علم القرءات والتفسير وعلم الحديث... وكان الشيخ محمد بن أبي القاسم الهاملي قد أوقف عقارات وباستين وحقول .. عبر مساحات شاسعة واسعة ، وأجرى للحقول سواقي ، وشق لها تراعًا ، وحفر لها آبارًا لتسقيها ، ومن ثمارها وحبها ورمانها وزيتونها تُمَوَّنُ الزاوية ، وكل فروعها في  أولاد جلال ، وبرج بن عزوز ، وآقبو ، وطولقة ... وكان يريد بهذه الأعمال تطوير التعليم الأصلي الحر وجعله في منأى عن أي تمويل يستلب منه حريته ، فبقيت الزواية القاسمية شامخة باذخة تمول نفسها بنفسها من أحباس وأوقاف الشيخ القاسمي إلى أن صدر القرار البومديني المشؤوم الذي يصادر الأوقاف ويضيق الخناق على الزوايا العاملة ، لكن بركات الزاوية بقيت مستمرة إلى يوم الناس هذا رغم كيد الكائدين ومكر الماكرين ... وبفضل مكانة الشيخ العلمية ، وانتمائه إلى آل بيت النبي صل الله عليه وسلم ، وبفضل أعمال البر التي أشاعها بين الناس ، والعلم الذي بثه في تلامذته الذين انتشروا في مشارق البلاد ومغاربها ، انتشرت الطريقة الرحمانية في بلاد القبائل والزيبان وجبال الظهرة ، وامتد انتشارها إلى تونس .. وتزايد عدد الذاكرين لله بالورد الرحماني في شرق الجزائر ووسطها ، إلى أن خشيت سلطات الاحتلال الفرنسي من سطوت الشيخ ونفوذه ووجاهته ومكانته الرفيعة بين الناس ، فحاولت التقرب منه وإغراءه بكل الوسائل لكنه كان العالم الذكي الفطن الذي لا يتنازل عن دينه ووطنه ولو سيقت له الدنيا بحذافيرها ... ولد الشيخ محمد بن أبي القاسم عام 1824 م قبالة حوش النعاس المسماة حالياً دار الشيوخ بولاية الجلفة ، حفظ القرآن الكريم في سن لا تتجاوز الثالثة عشرة على يد الشيخ  محمد بن عبد القادر المشهور بـ كريرش ، ثم انتقل إلى زاوية سيدي علي الطيار الواقعة في منطقة البيبان قرب بلدية القصور ولاية برج بوعريريج  ، فأخذ علم القراءات السّبع و فنّ التجويد على الشيخ الصّادق ، حتى أتقنهما فأجاد وأفاد ، وهناك تولّى كفالته رجل صالح من الأخيار اسمه عبد الواحد ، وكانت كفالة طلاب العلم مما عُرف به كثير من الصالحين والخيّرين في ذلك العصر ، ثم توجه إلى زاوية السّعيد بن أبي داود بآقبو ولاية بجاية حاليا ، وفيها لازم العلاّمة الشّيخ أحمد بن أبي داود مدّة خمس سنين ، و قيل سبع ، برع خلالها في فقه المذهب المالكي ، والتّفسـير ، و علم الحديث ، و عـلم الكلام ، و النّحو ، والصّرف ، والبلاغة ، و علم الفلك ، والحساب ، فأتقنَ هذه العلوم جميعاً ،  ولمّا استأنس الشيخ ابن أبي داود براعة تلميذه و تحصيله الجيّد و طريقته المثلى في التدريس والتلقين أمرَه بالتّوجه إلى زاوية ابن أبي التّقي ليُدَّرسَ بها الفقه فاستجاب لأمره خاضعًا طائعًا ، ثم أسس زوايته بالهامل وبقي يُدرس فيها زهاء أربعة وثلاثين عامًا إلى أن وافاه الأجل وهو يعقد صُلحًا بين فريقين متخاصمين في "بويرة السحاري" على الساعة الثانية زوالا من يوم الأربعاء  2 جوان 1897م عن عمر ناهز الثالثة والسبعين ، وصلى عليه خلق كثير ، دفن بزاويته التي أسسها ، نسأل الله له الرحمة والرضى والرضوان .

About الجزائر الآن

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم

Top