ads

ads

احدث المواضيع

العنايه بالبشره[Oneright]

طبيب المجله[Oneleft]

معلومات صحية

مطبخ المجلة


من المفترض أن يكون أعضاء البرلمان من أفضل النخب الثقافية والعلمية والسياسية في البلاد … من المفترض أن لا يدخل تحت قبة البرلمان سوى الراسخون في العلم وذوي العقول والنهى… من المفترض أن يكون أعضاء البرلمان من خيرة أبناء هذا الوطن كفاءة وأمانة ونزاهة ... هذا هو البرلمان الذي ترتعد منه فرائص الوزراء ويخشاه رجال الحكم في الدولة ، وهذا هو البرلمان الذي يطمئن إليه الجزائريون في رقابته للحكومة وللمال العام ويثقون في تشريعه للقوانين ومسائلته للوزراء ... هذا هو المأمول ، أما الواقع فهو شيء آخر ... في البرلمان أناس لا يعرفون قراءة كشف مرتبهم الشهري ، فكيف لهم أن يقرؤوا ميزانية دولة ، وإن قرأوها لا يفهمون لها كوع من بوع ، وأنّى لهم بمناقشة السياسة العامة للحكومة ؟ ... في البرلمان نفر لا يعرفون معنى الميزان التجاري ، هؤلاء القوم كيف لهم أن يناقشوا وزير دولة برتبة برفوسيور أو دكتور ؟ في البرلمان رجال ونساء لا يُفرقون بين القانون والمنشور والتعليمة والقرار والمقرر ... فكيف تُشرع هذه الشراذم للجزائريين قوانين تُحيي وتُميت ؟  في البرلمان كثيرا ما رصدت كاميرات " البث المباشر " بعض النواب إذا ما اضطروا للكلام غمغموا وتمتموا وتنحنحوا وتزحزحوا وتقدموا وتأخروا ... ثم جاءوا بالأفانين من القول ... بلبلة لسان ، وتخريف وهذيان ، وإظهار بغير بيان ، ووقوف بغير وقف ، وإدغام بغير مدغم ، ومدّ وشد وهمز وجزم وإعراب بغير مكان ... فكيف لا يحتقر الناس برلمان هذا حاله ؟ كيف لا يسخر الصحفيون من برلمان هذا شأنه ؟ .. هذه هي إفرازت العمل السياسي الذي عاث فيه أصحاب المال الوسخ فسادًا ... فبإمكان رجل تافه من دهماء القوم ، أن يتصدر قائمة المترشحين للبرلمان في أكبر الأحزاب السياسية في البلاد وأعرقها بأموال الحرام ، ثم لا يقدم للدولة ولا للشعب شيئًا لأنه أمي عامي لا يعرف معنى الدولة ، ولا مفهوم الدولة  ، ولا يفقه شيئا عن قانون المالية وميزانية الدولة ، ولا يعرف قطميرًا ولا نقيرًا عن بيان السياسة العامة للحكومة ، وإذا تحدث معه المتحدثون عن بيان بنك الجزائر كانوا كمن يُحدثه بلغة الباشتون أو الهنود الحمر ... المهم أن يُشبع نَهَمَهِ للكرسي ، والمهم أن يكتسب صفة " عضو في البرلمان " لكن ما وراء هذا العضو من مهام جسام ...لا يهم ... والغريب العجيب أن طالب العمل في الجزائر إذا ما أراد الترشح لمنصب متصرف ، أو ملحق للإدارة ، أو عون مكتب ... يُشترط في توظيفه ملف إداري ثقيل وبيل تتصدره شهادة علمية مخصوصة ومشفوعة بكشف النقاط خلال سنوات دراسته ، وأن لا يكون من أصحاب السوابق العدلية ، ويتمتع بصحة جيدة ، ولياقة بدنية سليمة ... ويخضع لمسائلة شفهية تتعلق بمهامه التي ستُكول إليه ... لكن الترشح للبرلمان لا يهم فيه المستوى العلمي والثقافي ، ولا تهم فيه الخبرة السياسية... وليس على المترشح من حرج إن كان من كبار اللصوص ، وليس عليه من حرج إن كان من كبار المساهمين في تكسير المؤسسات التي حُلت وبيعت للخواص ، وليس عليه من حرج إن كان مُسنًا ومريضًا وعاجزًا عن السفر وعن المكث لأربع ساعات متواصلة في اجتماعات اللجان أو في دورات المجلس ... هذا هو المنطق الغريب الذي أفرز واقعًا يدع الحليم حيرانًا ... البرلمان مؤسسة من مؤسسات الشورى في الدولة ولا ينبغي أن يصل إليها كل رويبضة تافه ... البرلمان هيئة تشريعية كبيرة ، وهيبتها من هيبة الدولة ولا ينبغي أن يتسلق إليها الدهماء ،  وأصحاب المال الحرام ، وذوي المهن المتواضعة ، والمطرودون من المدرسة في مراحل مبكرة ... فإنه لا يمكن لهؤلاء أن يجالسوا الوزراء ، ويخاطبوا كبار القوم مشافهة أو مكاتبة ... ولا يمكن لهؤلاء القوم أن يكونوا أعضاء فاعلين لا مفعول فيهم في اللجان المختلفة للمجلس الشعبي الوطني ... ولا يمكن لهؤلاء الأوباش أن يستقبلوا السفراء والأمراء والوزراء الأجانب ... لكن الداهية التي قصمت ظهر العمل السياسي في الجزائر هي اعتزال ذوي الحجى والنهى للسياسة وكل مَن يجترح السياسة ، وكل مَن يتحدث في السياسة ، وكل مَن يجن أو يعقل في السياسة ... بل إن بعض النخب في الوطن صارت السياسة بالنسبة لهم رجس من عمل الشيطان ... وهذا وهم خاطئ ، عندما انكفء النزهاء وأصحاب العلم عن السياسة تركوا المكان شاغرًا للذئاب التي تلبس الثياب فطفت على  المشهد السياسي شراذم تافهة كما تطفوا الجثث الميتة على سطح البحر ... وأنا ـ وأعوذ بالله من كلمة أنا ـ أعتبر انسحاب النخب من العمل السياسي جريمة كبرى لا تقل عن كبيرة التولي يوم الزحف ... ولا بد للدولة ـ إن أرادت أن تسترجع هيبتها ومصداقيتها وفعّالية مؤسساتها الكبرى ـ أن تراجع قوانين الترشح للبرلمان ... ولا شك أن هذه المراجعة ستنعكس إيجابًا على العمل السياسي فتُنشأنه خَلقًا آخر غير الذي تعارف عليه الناس ... عند إذن سيكون للدولة برلمان يمكنه أن يُطيح بأي حكومة فاسدة ، ويمكنه أن يَكبح جماح السلطة التنفيذية التي تغولت على السلطة التشريعية ، ويمكنه أن يكون رقيبًا عتيدًا على المال العام ، ويمكنه أن يكون حريصًا على المصلحة العامة للوطن في إطار سُنة التدافع السوي القويم الذي يحفظ التوازن المطلوب بين مؤسسات الدولة المختلفة
رميلات

About الجزائر الآن

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
«
Next
This is the most recent post.
»
Previous
رسالة أقدم

Top