قضى الوهابية على الأزهر والقرويين والزيتونة ومدارس الشام ولم يبقى سواهم

الإختلاف ليس في الكتاب ولا في السنة ، الإختلاف في فهم الكتاب والسنة ، والذين فهموا بالطول جاء آخرون وفهموا بالعرض ، ومن الغريب أن بعض القوم [ وأقصد بالذات الوهابية] حجروا عقولهم على فهم الطول أو العرض ولم يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن فهم هذا وذاك واكتفوا بما فهمه سادتهم وكبرائهم ، والطامة الكبرى أنهم ظللوا وبدّعوا وكفروا وسفهوا كل من اختلف معهم في [ فهم الكتاب والسنة ] ولم يختلف معهم في الكتاب والسنة ، وليكتمل نصاب التدجين المعرفي بل " الاستبداد الوهابي " قاموا بهدم كل منارات العلم التي تختلف مع فهمهم السقيم ، وفقههم النجدي ، ورأيهم الفطير ، فما عاد للأزهر صوته الجهوري في العالم الإسلامي ، وما عاد لمدارس الشام بريقها ، وما عاد للقرويين إشعاعه ، وما عاد للزيتونة رأي يُعتد به ، ولم تبقى في العالم الإسلامي سوى " هيئة كبار العلماء " التي بدأ فهمهما مع مطلع السنة التي بدأ فيها محمد بن الوهاب يفهم الإسلام والذين جاءوا من قبله كابن تيمية وبن القيم ثم الذين جاؤوا من بعد كابن باز وبن عثيمين والألباني ... هؤلاء فقط هم الذين فهموا الكتاب والسنة ، فأين ذهب فهم مالك ؟ وأين ذهب فهم الشافعي ؟ وأين ذهب فهم أحمد بن حنبل ؟ وأين ذهب فهم أبي حنيفة ؟ وأين ذهب فهم الليث بن سعد ؟ وأين ذهب فهم الأوزاعي ؟ وأين ذهب فهم الجُنيد ؟ وأين ذهب فهم إبراهيم بن أدهم ؟  وأين ذهب فهم الفضيل بن عياض ؟  وأين ذهب فهم بشر الحافي ؟  وأين ذهب فهم معروف الكرخي ؟ وأين ذهب فهم شقيق البلخي ؟  وأين ذهب فهم بشر الحافي ؟  وأين ذهب فهم أبويزيد البسطامي؟ وأين ذهب فهم ذي النون المصري؟وأين ذهب فهم الشوكاني ، والصنعاني ، والنووي ، والشاطبي ... لم يبقى سوى فهم محمد بن عبدالوهاب " المجدد" حسب زعمهم وما تلاه من أشياخ نجد ، هل هم وحدهم فقط الذين فهموا الكتاب والسنة ، وأتباعهم هم الفرقة الناجية دون سواهم ؟ ... واقتصروا الإسلام بشموليته وسعته وغناه على ثلاثة أشياء لا غير . محاربة الشرك التعبدي ، ومجابهة الفرق وعلى رأسها الصوفية والأشاعرة ، وتحريم الخروج على الحاكم " أحيانا " وليس " دائما " كما هو الشأن في سوريا ، وليبيا ، واليمن ، والعراق ، بينما المسلمون الأولون ساروا بالإسلام في مشارق الأرض ومغاربها ونشروها بين الناس حضارة وأخلاقا ومعاملة وعمّروا الدنيا والدين وبثوا المحبة بين جميع الملل والنحل ولم يُكرهوا أحدا على الإسلام... ولم يكونوا أهل تجهم وعبوس ولم يسارعوا في زجر الناس بالتبديع والتكفير ... أما " الوهابية السعودية " فهي ليست الطائفة التي تعيد للإسلام حضارته ومجده بقيادة آل سعود المتخمين بالترف والفاسدين بالتبذير والنهب والسلب .. وفي الآن ذاته يريدون التفرد بالفتوى من بين مليار و800 مليون مسلم ، وكأن العالم الإسلامي ليس فيه سوى " هيئة كبار العلماء " ااتي صنعها آل سعود والتي أفتت المسلمين والسعوديين على وجه الخصوص بالمتناقضات ،  ومؤخرا خرج عليهم العالم الجليل الشيخ الحسن ولد الدوو ليكشف تلاعبهم بالفتاوى وقد اطمئنوا إليه طويلا ، بل اعتبروه أعلم أهل الأرض بالحلال والحرام في العصر الحديث ، ولمّا خرج عنهم ليقول لهم " توقفوا عن العبث بالفتوى " قالوا الحسن صوفي متستر ، وقالوا الحسن يعطل الأسماء والصفات ، وقالوا الحسن إخوانجي ، وقالوا الحسن يحتفل بالمولد ، وقالوا الحسن يتبرك بالمشايخ ... " وهذا ديدنهم مع كل مَن يختلف معهم حتى ولو كان ممن تخرج في مراكزهم وجامعاتهم وتتلمذ على بعض أشياخهم ، منطقهم " لا يجب أن يختلف معنا أحد " وإلاّ سلقوه بألسنة حداد ، بينما منطق الإمام الشافعي " رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب " أما هؤلاء القوم فالرأي الذي يُبديه العلماء والمشايخ في فهمهم للكتاب والسُّنة عندهم هو [ الكتاب والسُّنة ] وهنا مكمن الداء .
رميلات