ads

ads

احدث المواضيع

العنايه بالبشره[Oneright]

طبيب المجله[Oneleft]

معلومات صحية

مطبخ المجلة


قرأت السيرة العطرة للأمير عبدالقادر الجزائري ، قراءات متفرقات وفي أزمنة مختلفة ، فملئتني شمائله إعجابًا من رأسي إلى أخمص قدمي ، ولا أعلم أن في العصر الحديث بطلاً كالأمير ، فقد كان وسيمًا جسيمًا ، شريف النّسب ، عظيمًا مُهابًا محبوبًا بين عامة الناس وخاصتهم ، وكان لسانه رطبًا بذكر الله قائمًا وقاعدًا وماشيًا وراكبًا ومضطجعًا ...لا يَفتُرُ عن ذكر الله بليل أو نهار ، كان عالمًا وشاعرًا وفقيهًا وفارسًا ومقاتلاً ، شديد البأس إذا ما التحمت الصفوف .. بايعه العلماء وزعماء القبائل على الإمارة والجهاد في سبيل الله وهو شاب غض طري العود تحت شجرة الدردار ... ولما عُقدت البيعة له ، سأله والده ، كيف ستحكم البلاد ياولدي ؟ فقال " بالعدل والحق الذي أمر به رب العالمين ، سأحمل القرآن بيد ، و أحمل باليد الأخرى عصًا من حديد ، سأسير على هدي كتاب الله وسنة رسوله " ، ثم وُقّعَ نص المبايعة في مسجد الحسن رضي الله عنه في مدينة عين البيضاء قرب ولاية معسكر ، وهنالك خطب الأمير خطبته التاريخية العصماء ، والتي مع الأسف تعمى عنها عيون الذين يُقررون مناهج أبناءنا المتمدرسين في الأطوار التعليمية كلها ، وطفق الأميرالشاب يؤسس الدولة الجزائرية الحديثة وهو لم يتجاوز الحادية والعشرين من العمر  ، فقَسَّمَ البلاد إلى 8 ولايات إدارية ، واعتمد الفقه الإسلامي مصدرًا للتشريع ، وسك العملة من الذهب الخالص ، وراح يُصدّر القمح والماشية والصوف لإسبانيا وفرنسا ويقايض صادرته بالسلاح والبارود ، ولم يأوي الأمير إلى قصر منيف ، ولم يمشي على السجاد الأحمر ، ولم يتخذ له الجواري والخدم ، كان رجلا متواضعًا يقطن في أبسط البيوت أثاثًا ورِئيًا ،  ولا يأكل إلاّ السويق " الروينة " رغم ما في يديه من أموال وكنوز ، وخاض 116 معركة دامية ضد 112 جنرالا في مدة نهازت الثمانية عشرة 18 عاما في ثلاثة أرباع القطر الجزائري ،... وقد ملئت سجاياه الزمان والمكان وكُتُبَ التاريخ ، وشغل الناس والدنيا بجلائل أعماله وعظيم خصاله ، واقرؤوا إن شئتم عن إنقاذه للمسيحين من مذابح دامية في دمشق ... كان مولانا الأمير عبدالقادر كلما تفرغ من شؤون الحرب لشؤون السّلم يأتي بالعجائب من الشمائل والفضائل ، فقد كان معياره في إسناد المناصب هو العلم والنزاهة والكفاءة والفضل الذي يشهد به الناس ، كان للأمير محاكم و قضاة ورؤساء داووين وسفراء وقناصلة يمثلون الجزائر في كثير من دول العالم ، وله مع زعماء الدول وقادة المماليك مكاتبات ومراسلات ... أسس عاصمته المتنقلة المسماة " زمالة الأمير عبدالقادر " ، وأسس جيشًا من العدم ، وأنشأ جهاز اسخباراتي جد متقدم لدعم الجيش والدولة الناشئة  ، وبنى مصانع للسلاح ، وكان قادة الكتائب والسرايا والفيالق من العلماء والفقهاء الأذكياء ذوي الشجاعة والبأس فدَرَّبُوا المقاتلين في سبيل الله على الكر والفر وفنون القتال ، وأعد الأمير للجيش قانون من 24 مادة كَتَبَهُ بنفسه وبخط يده ، سماه " وشاح الكتائب " ، وبهذا الجيش استطاع الأمير عبدالقادر الصمود أمام 16 وزيرا للحرب كانوا يقودون أعتى أمبرطوريات العالم في 18 سنة على أكثر من ثلثي مساحة الجزائر ، وبنى العديد من الثكنات بطراز هندسي معماري جميل جليل ، وقد كان لي شرف آداء الخدمة الوطنية في الجيش الجزائري بين سنتي 1995 و1997  في إحدى هذه الثكنات ، وهي تسمى باسمه " برج الأمير عبدالقادر " قرب ثنية الحد بولاية تيسمسيلت ، ولايزال الجيش الجزائري يستخدمها إلى يوم الناس هذا ، وهو أول من جعل الجزائريين يشعرون بمعنى " المواطنة " فكان ولاء الناس إبّان فترة حكمه للوطن مقدم على الولاء للقبيلة والعشيرة ، وفي عصره انتشرت الزوايا في كل أنحاء القطر الجزائري ، وبنى المشافي والمستوصفات ، وكان الأمير يحرص بنفسه على حفظ وصيانة الكتب والمخطوطات ، ويبالغ في الحفاوة بالعلم والعلماء ، ويحب الصالحين ويقدمهم ويتواضع لهم ، وله مؤلفات قيّمة أذكر منها " المقراض الحاد " و " ذكرى العاقل وتنبيه الغافل " و " المواقف " و " تحفة الزائر " ، وللأمير تلاميذ كثر في الجزائر ودمشق ... ورغم جلائل الأعمال التي قام بها الأمير عبدالقادر إلا أن أيدٍ شلاء امتدت إلى صورته فمحتها من عُملتنا الوطنية ، واستبدلتها بالثور والتيس الإفريقي ، ولا يُحتفى بالأمير عبدالقادر احتفاءًا رسميًا ، يومًا أو بعض يوم ، على الرغم من أن سيرته أجل وأعظم من سيرة جورج واشنطن ونابليون بونابرت وكل زعماء وملوك العرب ، وكل زعماء الجزائر من عهد الفنيق والإغريق وإلى يوم الناس هذا ؟ فأي ظلم ، وأي حيف ، وأي إجحاف ، هذا الذي يتعرض له علمائنا وقادتنا ورموزنا ؟ أهذا جزاء بطل معركة " خنق النطاح " الأولى والثانية ؟ أ هذا جزاء بطل معركة المقطع التي قتل فيها 1500 جندي فرنسي ؟ أهذا جزاء بطل معارك " التافنة " و"الزمالة " التي لا يعرف شبابنا عنها شيئًا ؟ أهذا جزاء الفتى الصوفي الطرقي الذي أسس الدولة الجزائرية الحديثة على منهج كتاب الله وسنة رسوله ؟  أ لأن مولانا ناصر الدين الأمير عبدالقادر بن محي الدين الحسني الجزائري صوفي طرقي قادري ، يلقى ـ منكم ـ كل هذا الجحود والكنود ؟ أليس في مقدور الدولة الجزائرية أن تنتج فلم أو مسلسل درامي تاريخي يبرز حياة الرجل ومآثره على غرار فلم عمر المختار ؟ حتى ولو كلف إنتاجه  100 مليون دولار !!! ... كم عدد وزراء الثقافة الذين تعاقبوا على هذه الوزارة منذ الإستقلال وإلى يوم الناس هذا ؟ أليس فيهم وزير رشيد يعرف معنى التاريخ والثقافة ؟ هل فلم أو مسلسل عن حياة الأمير ، أمر كبير على خزينة الدولة التي يذهب كثير من مالها إلى جيوب الراقصات واللاهثين خلف جلد منفوخ ينط هنا وهناك ؟ أليس من المعيب أن يُسمي الأمريكان عنه مدينة كاملة " مدينة كادر "  ، ونعجز نحن عن تعريف أبنائنا به ؟  أليس من المعيب بل من المخزي أن تمضي 154سنة على وفاة الأمير عبدالقادر منها 57 عامًا من عمر استقلالنا وليس للأمير فلم يحدث الناس عن جلائل أعماله ومناسك بطولاته ؟ !!! الشيء الوحيد الذي أجله وأقدره أن جيشنا قد خصص جناحين أو ثلاث من متحف المجاهد لمآثر للأمير ومقتنياته ومخطوطاته ومعاركه وبعض سيوفه وبنادقه ومدافعه المصنوعة في مصانعه ... رحم الله سيدي الأمير عبدالقادر الجزائري وجزاه الله خير الجزاء عن جهاده وعلمه وعمله اتجاه وطنه ودينه وأمته .
محمد رميلات

About الجزائر الآن

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم

Top