ads

ads

احدث المواضيع

العنايه بالبشره[Oneright]

طبيب المجله[Oneleft]

معلومات صحية

مطبخ المجلة


الإحاطة بالموضوع من كل جوانبه تحتاج إلى مؤلفات بل إلى مجلدات ، ولا أعتقد أن التاريخ السياسي للزوايا والطرق الصوفية في الجزائر يكفيه مقال في بضع سطور ، لكن ما لا يُدرك كله لا يُترك جله ، وقد كانت السياسة ولا تزال ، هي الباب العظيم الذي يدخل منه الخير الكبير ، أو الشر المستطير ... في عهد بومدين وُضِعَ بعض شيوخ الزوايا تحت الإقامة الجبرية ، وزُجَّ ببعضهم في السجون ، وبعضهم كان طريدا أو شريدا في المنافي ، وأمِّمَت الأملاك الوقفية التابعة للزوايا ووُضعت تحت تصرف الصندوق الوطني للثورة الزراعية ، ومُنع بعض مشايخ الطرق الصوفية من الخطابة والتدريس ، وغُيّبت الزوايا من الإعلام عن عمد وسبق إصرار وترصد ، ومن الزوايا التي تعرضت لهذه المعاملة القاسية في عهد الرئيس بومدين ، الزاوية القادرية بورقلة التي اتهم شيخها سيدي محمد بن إبراهيم الحسني بتأييده لانقلاب الطاهر الزبيري عام 1967 ، كما اتهمت الطريقة العلوية بالعمالة لدولة مجاورة ، وهُدِمَ جزء من الزاوية القاسمية بالهامل بأمر من الرئيس هواري بومدين وأغلق المعهد القاسمي في عهده ، وتم هدم زاوية الشيخ باش تارزي بقسنطينة وهي من زاويا الطريقة الرحمانية العامرة العاملة بشرق البلاد ، وأمِمَّت أوقافها ، وأوقف التعليم بها تحت القهر والجبر ، ومُنع الشيخ سيدي محمد بلكبير من الخطابة ، وجُمّد نشاط الطريقة التيجانية بعين ماضي ، وحُرم الرائد عبدالمجيد حملاوي من الترقية في الجيش في عهد بوخروبة لأنه كان شيخ الزاوية الحملاوية كما أفادني بذلك ابنه الأستاذ محمد حملاوي ، رغم أن بومدين كان أحد تلامذة هذه الزاوية العريقة لكنه عقها لما اشتد عوده .. وكثير من الزوايا الأخرى التي لقيت من العنت والضيق ما لقيت ، وفي مقابل ذلك ضُخِّمَ دور جمعية العلماء المسلمين كبديل عن علماء ومشايخ الزوايا ، وأقحمت على الحياة العلمية والثقافية إقحاما ، واُعتُمِدَت مرجعيتها في المناهج والمقررات الدراسية ، وصار الاحتفاء بابن باديس يوم وفاته المصادف لـ 16 أفريل " يوم وطني للعلم " ، على الرغم من أن مآثر وأمجاد الأمير عبدالقادر الصوفي الطرقي لا يمكن مقارنتها بابن باديس ،  لكن تأخر هذا وتقدم ذاك ، ويكفي من بطولات الأمير أنه خاض 116 معركة ضد الفرنسيين وقتل منهم 1500 جندي في معركة المقطع لوحدها ، ناهيك بملاحمه وبطولاته الأخرى في معركة التافنة ، ومعركة خنق النطاح الأولى والثانية ، ومعركة الزمالة ، علاوة على أفكار الأمير وخطبه وأشعاره ومؤلفاته ، واختفى من مناهج أبناءنا التربوية أبومدين شعيب الذي فَقَدَ ذراعه في تحرير القدس إلى جانب صلاح الدين الأيوبي لأنه صوفي ، واختفى من مناهج أبناءنا المدرسية الشيخ محمد بن عبدالكريم المغيلي الذي طرد اليهود من تمنطيط وقاتلهم في صحراء توات وعلم ملوك القارة السمراء كيفية تحكيم كتاب الله وسنة رسوله بمؤلفات ورسائل لا تزال دُرَّة في جبين التاريخ ، وكَتَبَ تفسيرا جليلا جميلا للقرآن الكريم .. كل هذا اختفى من مقررات أبناءنا لأنه صوفي ، واختفى من مناهجنا سيدي عبدالرحمن الثعالبي الذي تخرج على يديه مئة عالم من أشهر وأعظم علماء المسلمين في عصرهم وزمانهم ، واختفى جلّة من العلماء والعظماء من كتب أبناءنا المتمدرسين ، وحتى الجامعات ومعاهد البحث العلمي لم تخلو من الختل والحيف والزيف ، وانتشرت فيها الدراسات الناقمة على الطرق الصوفية ، وغُيّبت منها البحوث الجادة والموضوعية عن دور الزوايا والطرق الصوفية في تاريخ الجزائر الثوري والجهادي والثقافي والإعلامي ... كل ذلك اختفى لأن تلامذة جمعية العلماء سيطروا على مراكز صنع القرار فغيبوا من مقررات ومناهج أبناءنا كل ما له علاقة بالزوايا أوالصوفية أو التصوف ... هذا التزييف والتحريف كان مدعوما ومعززا بحرب إعلامية اتهمت الزوايا بالعمالة والتخلف ونشر الخرافة والبدعة ، ولعل حملة جريدة المجاهد على الزوايا والطرق الصوفية سنة 1968 أكبر شاهد ودليل ، ومَنَعَ نظام بومدين كل مَن له علاقة بالصوفية أو التصوف من أي منصب هام أو غير هام في الدولة على الرغم مما في أهل التصوف من إطارات مقتدرة وتخشى الله في السر والعلن ، ولما هلك سلطان بوخربوبة وآلت رئاسة الدولة للرئيس الشاذلي بن جديد رحمه الله أعاد للزوايا أوقافها ، ورفع الإقامة الجبرية عن كثير من شيوخها ، وأقام علاقات مودة مع كثير من شيوخ وعلماء الزوايا كزاوية بالأحول بغيليزان ، وزاوية الهامل ببوسعادة ، وزاوية الشيخ سيدي محمد بلكبير بأدرار ، و كان السيد الرئيس يُكرم العلماء ويتردد على زيارتهم والتواضع لهم ، وكان يحرص على دينه وأمانته وخُلقه ، ولذلك وصفه الشيخ محمد الغزالي بـ " الرئيس المؤمن " ، ولمّا استقال الشاذلي رحمه الله ، وجاء بعده الذين أوقفوا المسار الانتخابي واندلعت الحرب الأهلية الساحقة الماحقة وهلك جراءها 250.000 قتيل ، أدرك النظام الحاكم ـ وبعد فوات الآوان ـ خطورة الغلو والتطرف والإرهاب على العباد والبلاد ، وأدركوا ـ بعد فوات الآوان ـ خطورة حربهم على الزوايا ، فجاؤوا بالوهابية المدخلية لضرب الإخوان ، والجبهة الإسلامية للإنقاذ ، وجماعة الجزأرة ، وجماعة الدعوة والقتال ، والشيعة ، والقاعدة ، وكل التيارات الإسلاماوية المتشددة لإنجاح برنامج المصالحة الوطنية والوئام المدني ، إلاّ أن الرئيس بوتفليقة كان يرى أن فسح المجال لـ " المداخلة " برنامج خطير من برامج " الديارس الهالكة " وهو كالمستجير من الرمضاء بالنار ، وعلى الرغم من ذلك فقد أرخى حبلها على غاربها وترك المداخلة ينتشرون ويتمددون ، وفي الآن ذاته راح يدعم منهج الزوايا عساه أن يواجه طوفان التطرف الطاغي ، والغلو الجارف ، فعين على رأس وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الدكتور أبوعبد الله غلام الله وهو أحد المتخرجين في الزوايا ، وكان له دعم معنوي رسمي للدروس المحمدية للزاوية الهبرية البلقائدية التي كانت تستظيف كبار علماء ومشايخ التيار الصوفي في العالم الإسلامي من خلال حضور بعض رجال الدولة في هذه الدروس ، ورمم مسجد الشيخ سيدي محمد بلكبير في أدرار ، وبنى مسجد سيدي عقبة بن نافع في بسكرة ، وبنى مسجد وفندق بعين ماضي لدعم الزاوية التيجانية ، وكان بين الحين والآخر يزور الزوايا ، واهتم بعلاج مشايخها في الخارج ، وعين للزوايا مستشارا خاصا برئاسة الجمهورية ، لأن أتباع الطريقة التيجانية في العالم يناهزون الـ 400 مليون مسلم معظمهم في إفريقيا السوداء ، وكان طموح الرئيس بوتفليقة هو استغلال هذه الطريقة في بسط النفوذ الجزائري على الدول التي تنتشر فيها الطريقة التيجانية ... وفي الآن ذاته أراد أن يحول الزوايا إلى مراكز للإنتفاع السياسي إلا أن حيلته هذه لم تنطلي على شيوخ الزوايا لأنهم أباب مطالع ، لا أرباب مطامع ، وأصحاب قلوب ، لا أصحاب جيوب ، ولذلك كانت الزوايا العاملة ولا تزال بعيدة عن السياسة رغم محاولات إقحامها في هذه المخاضة إقحاما ، أما الذين يستدلون على تسيس الزوايا بزيارات شكيب خليل ، فلا شك أنهم لا يعرفون واقع الزوايا تمام المعرفة وبعمق يمحصها من الداخل ، فأغلب " الدويرات " التي زارها شكيب لا تحمل من الزوايا إلا الإسم ، والمتمشيخون فيها لا علاقة لهم بالقرآن ، ولا بحلق الذكر ، ولا بالعلم ، ولا بالتربية ، ولا بالمنهج الصوفي الأخلاقي لسيدنا الجنيد ... والجمعية الوطنية للزوايا لا تمثل إلا نفسها وهي ليست الناطق الرسمي باسم الزوايا ، وكأن الذي أنشأها كان هدفه تشويه الزوايا وتلطيخ سمعتها ، وليس الدفاع عن حقوق الزوايا وطلبتها ومشايخها .
أما وهابية الجزائر ، وأتباع ومريدوا الجبهة الإسلامية للإنقاذ ، والإخوان ، وجماعة الجزأرة ، وكل الذين يمارسون السياسة بالدين فقد كانوا يظنون أن عدوهم اللدود الذي يريد ضربهم ، وتشتيت صفوفهم هم علماء ومشايخ الزوايا والطرق الصوفية ، وكانوا ولا زالوا يظنون أن الزوايا تمارس السياسة وتدعم السلطة المتغلبة ، ليتفاجئوا أن " الديارس الهالكة " قد اختلقت لهم عدواً لدوداً من جنوبهم هم " المداخلة " المدعومون بـ " البترو دولار " الخليجي ، ومنهج شيوخ وعلماء الزوايا لم يتغير منذ عصر الدولة المرينية وإلى يوم الناس هذا ، وهو منهج واضح يهدف للحفاظ على مذهب الإمام مالك ، والعقيدة الأشعرية ، والتوجه الصوفي ، ولا يعنيهم لا الوهابي ولا المدخلي ولا الجامي ... ولا زالت الزوايا تلقن أبناءنا وبناتنا هذه المرجعية الجزائرية الأصيلة وهي أكبر حصانة ضد التطرف والغلو ، ولم ولن يكونوا عدوا لأي مسلم مهما ظلت به السبل ، لأن المحبة دين يتقرب الصوفية به إلى الله .
لكن الذي ينبغي أن نقوله وبصوت عالٍ أن بومدين " خان " المرجعية الدينية الأصيلة للجزائريين خيانة عظمى لا زلنا نتجرع مرارة غصصها إلى اليوم ، فقد تحول الوطن إلى ساحة مفتوحة على جماعات دينية لا يمت بعضها بصلة لبعض ولا يمكنها أن تلتقي في قطمير أو نقير ، هذه الجماعات الدينية تنشر البغضاء والكراهية بين المسلمين في وطنهم الواحد الجزائر ، وفي الوقت الذي تتخاصم فيه هذه الجماعات على الرجل يبول أو يشرب واقفا ، هنالك في الجهة الأخرى عصابات سياسية قفزت كالقرود الإفريقية إلى مناصب صنع القرار فنهبت وسلبت وسرقت قوت الشعب ومقدراته والقوم لاهون ساهون ، وفي الكراهية والبغضاء غارقون إلى الأذقان .
رميلات

About الجزائر الآن

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم

Top