ads

ads

احدث المواضيع

العنايه بالبشره[Oneright]

طبيب المجله[Oneleft]

معلومات صحية

مطبخ المجلة


صادفتني حالتين ، رأيت من أمرهما عجبًا
الحالة الأولى :
كهل سلخ من عمره خمسين حِجة أو تزيد ... على قندورته آثار مرق ، وفي قميصه خَرق ، تفوح منه رائحة العرق ، أجفانه منتفخة كأن بها أرق ، وعلى وجهه غبرة كأن به تعب ورهق ... قرأت عليه السلام وتصافحنا ، ولمّا سألته عن حاله قال : إني في شر حال !!!! ثم سألني عن حالي فقلت من أعماق قلبي : " راني في نعمة " أحمد الله وأشكره على نعمه الكثيرة التي لا تُحصى ولا تُعد . قال : هي أول مرة ، أجد فيها إنسانا يحمد الله ، قلت : أمازح أنت يارجل  أم جاد ؟ المؤمنون جميعهم يحمدون الله ويشكرونه ... ثم ما الذي ينقصك ؟ كل هذا الخير الذي أنت فيه وحالك يُرثى لها  ، ثيابك نتنة عفنة  ، وقميصك رثة ممزقة كأن الكلاب تواطأت على نهشها ،  ووجهك عبوس حالك السواد كأنك خارج لتوك من زنزانة تعذيب ... وأنت بحمد الله تكسب من الغنم ألفا أو تزيد ، ولك من المساكن ثلاث أو تزيد ...ولك من المراكب أربع أو تزيد ...وأولادك من حولك كالسلطان من حوله الخدم والحشم ، وصحتك ـ ما شاء الله لا قوة إلا بالله ـ شحم ولحم ... ورغم ذلك تتصاعد منك الزفرات ، وتكاد تنهمل منك العبرات ، وتوشك أن تلطم الخدود وتشق الجيوب كالثكلى التي فقدت مُعيل أولادها ... هوّن عليك يا رجل فالدنيا لا تستحق منك كل هذا العنت والعناء والشقاء ... يبدو أن الرجل لم يُعجبه كلامي ، فقطّب ما بين حاجبيه وعبس وبسر...ثم امتطى سيارة التويوتا المزدوجة المقصورة التي اشترها منذ أسابيع قليلة وهو يتمم ، وتوارى عن نظري ، فقلت في قرارة نفسي ، تبًا لكِ أيتها المظاهر فكم هي النّعم الظاهرة التي يعيش أصحابها فيها بقلب شقي ، وفؤاد شجي ؟
الحالة الثانية :
شاب جسيم وسيم ، في الثلاثين من عمره ، مقطوع الرجلين من الركبتين ، مُقعد على كرسي متحرك ، على وجهه نور وسرور ، لا تكاد البسمة تُفارق مُحياه ، يضحك ملء فيه حتى تكاد تظهر ضِرْس العقل في حنكه ، وليس في جيبه درهم ولا دينار ... وليس له سكن ولا زوجة ، لكنه يتحدث بفرح ومرح كأنما يحوز الدنيا بحذافيرها ...  حديثًا تطرب له القلوب السليمة ، وتستأنس به النفوس القويمة ... وبين الفينة والأخرى يُزاوج كلامه بنكت وطرائف ومُلح ... وكلما سأله سائل عن حاله لا تسمع إلا كلمات الرضى والشكر والثناء الجميل على عطاء الله ونعمه ... عندما رأيت الرجل أول مرة ، تقطع قلبي أسفًا ، وذهبت نفسي عليه حسرات ، لكنني عندما جالسته وسمعت منه ، كأنما نَقَلَ سُرور قلبه إلى قلبي كما ينقل سلك الكهرباء النور إلى المصباح ... وقلت في نفسي ، أفٍ لك أيتها المظاهر الخادعة ، فكم من شقاء ظاهري يُخفي ورائه نفسًا يملئها الرضى والتسليم ويزينها الدين واليقين ، وكم من سعادة ظاهرية تُخفي ورائها نفوسًا قد ملئها الهم والغم والحزن والأسى والشقاء والحيرة والاضطراب ... أليس هذا من عدل الله فينا ؟ !!! .
رميلات

About الجزائر الآن

This is a short description in the author block about the author. You edit it by entering text in the "Biographical Info" field in the user admin panel.
«
Next
رسالة أحدث
»
Previous
رسالة أقدم

Top